top of page
Writer's pictureم.محمد أبو سعدة

ثورة ذوي العمائم الصفراء 184 – 205 م

Updated: Aug 17, 2019



تسمى ثورة العمائم الصفراء أو الأوشحة الصفراء و هي ثورة فلاحية شبت في الصين ضد حكم أسرة هان الشرقية ،و اندلعت شرارتها عام 184 م خلال حكم الامبراطور لينغ و رغم هزيمة قوات الثورة الرئيسية في عام 185 م من قبل قوات هان الا انها لم تستطع القضاء على جميع جيوب الثورة التي تجددت في السنوات اللاحقة عبر ثورات صغيرة .

استمرت الثورة 21 عاماً حتى تم القضاء عليها بشكل نهائي عام 205 م . سميت الثورة بهذا الاسم نسبة للون غطاء الرأس الذي ارتداه الثوار الذين بلغ عددهم حوالي مليوني ثائر في مواجهة قوات هان التي يبلغ عددها 360 ألف جندي و ادت الثورة الى عدد كبير من الضحايا تراوح بين 3-7 ملايين قتيل . و هي تعتبر مرحلة مهمة في تاريخ الطاوية بسبب جذور الثوار التي تعود للمجتمعات الطاوية السرية .


أسباب الثورة :

السبب الرئيسي للثورة هو الأزمة الزراعية حيث أجبرت المجاعة المزارعين و العسكريين السابقين من سكان الشمال للهجرة الى الجنوب بحثاً عن عمل فاستغلهم ملاك الأراضي الكبار لجمع ثروات كبيرة . ازداد وضع الفلاحين سوءاً بسبب الفيضانات المتكررة على طول مجرى النهر الأصفر و كذلك فرضت عليهم ضرائب كبيرة لتمويل القلاع و الحاميات لحراسة طريق الحرير و حماية البلاد من الغزو الأجنبي . حينها قام ملاك الأراضي و الفلاحون و العسكريون السابقون بتشكيل مجموعات مسلحة صغيرة (بلغ عددها 170 مجموعة) تحولت الى جيوش خاصة مهدت الطريق للعصيان المسلح .

كذلك ضعف الحكومة المركزية و ازدياد قوة ملك الأراضي مهد للثورة ، و اكتسب الخصيان نفوذاً كبيراً في البلاط الامبراطوري استغلوه لإثراء انفسهم و سمي أقوى عشرة منهم بـ"الحاضرين العشرة" و كانت لهم صلاحيات واسعة حتى أن الامبراطور لينغ كان يطلق على كبيرهم "تشانغ رانغ" لقب "الأب الراعي" . في تلك الفترة انتشر الفساد في الحكومة التي لم تعد قادرة على مواجهة الأزمات كالمجاعات و الفيضانات التي كانوا يعتبرونها علامات على عدم رضى الآلهة عن الامبراطور .

اثبتت الطائفة الطاوية أنها أكثر أعداء سلالة هان خطورة ، فقد ارسل زعيمها تشانغ جوي أتباعه الى الشمال من أجل التحضير للثورة عن طريق تنظيم الاتباع في كافة مناطق شمال الصين و ضم أتباع جدد ساخطين على حكومة هان و أدائها السياسي و انتشار الاوبئة و الفيضانات .

كان لدى الثوار حلفاء في البلاط الامبراطوري فتمكنوا من اتمام تحضيراتهم دون علم المسؤولين الحكوميين بنواياهم ، فخطط تشانغ جوي للانتفاضة في كافة أنحاء الصين في موعد موحد لكن اعتقل بعض اتباعه في لويانغ و اعدموا ، فانطلقت الثورة قبل أوانها في بعض المقاطعات في الشهر الثاني من عام 184 م و لكن رغم ذلك فقد ثار عشرات الآلاف و نهبوا المقرات الحكومية و هزموا قوات الامبراطور التي اضطرت لأن تتحول للدفاع .

مؤسسو الثورة :

قاد الثورة تشانغ جوي (يعرف أيضاً باسم تشانغ جياو) و الذي يلقبه أتباعه "قائد من السماء" و كذلك شقيقاه الأصغر سناً "تشانغ باو" و "تشانغ ليانغ" و الذين ولدوا في منطقة يولو (و هي تسمى حالياً بينغشيانغ ) . أسس الاخوة الطائفة الدينية الطاوية في شاندونغ الحالية ، فكانوا يعالجون المرضى الذين لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج ، و بسبب عملهم مع الفلاحين فقد شهدوا الظلم الذي تمارسه الحكومة على الفلاحين بسبب اثقالهم بالضرائب .

الطائفة الطاوية ... كان اتباع طريقة السلام الأعلى من أوائل الثوار ، و كانوا يبجلون الاله "هوانغ لاو" الذي قدم لزعيمهم تشانغ جوي الكتاب المقدس المسمى "المفاتيح الحاسمة لطريق السلام" . أطلق تشانغ جوي على نفسه لقب "الاستاذ الاعظم" و يعتقد بأنه كان ساحراً . ابتكر تشانغ جوي شعاراً للثوار و هو : " السماء الزرقاء قد ماتت بالفعل ... السماء الصفراء سترتفع قريباً ، عندما تبدأ الدورة الجديدة في التقويم الصيني سيزدهر ما تحت السماء " . و لان الإخوة الثلاثة كانوا من المعالجين فقد تمكنوا من نشر الشعار بسهولة حيث طلبوا من مرضاهم أن ينشروه بين الفلاحين .


الممارسات الدينية

استخدم تشانغ جوي شكلاً من الطاوية لعلاج مرضاه عن طريق اعترافهم بخطايهم و العلاج الديني ، و كان الاخوة يعتقدون بحدوث تغيير كبير في نظام العالم ، فأخبروا اتباعهم انه مع بداية دورة التزاوج الجديدة في التقويم الصيني ستصبح السماء صفراء و سينتهي حكم أسرة هان و تبدأ حقبة جديدة من الحكم . لذلك عندما ذهب أتباع تشانغ جوي الى المعركة فقد ارتدوا قطعة قماش صفراء عصبوها على رؤوسهم و من هنا أتت تسمية الثورة .

كانت معظم ممارسات الطائفة جماعية ، مثل : الصمت الجماعي و الصيام الجماعي و هكذا . و يتكون قداس العبادة خاصتهم من الموسيقى و الهتافات و حرق البخور و القاء الخطب و رواية الحكايات التي يمكن ان يقوم بها أي عضو بالجماعة حتى النساء و من ينظر اليهم بأنهم برابرة .

من المعلوم بأن العديد من قادة شيونغنو (و هو اتحاد قبائل بدوية) مثل يوفولو دعموا الطائفة التي يعتقد أنها استمدت بعض تعاليمها من الشامانية كعلاج صوفي مرتبط بالآلهة.


خطة تشانغ جوي للثورة :

قبل بدء التمرد أرسل تشانغ جوي تابعه "ما يواني" لتجنيد الأتباع في مقاطعتي جينغ و يانغ و تجميعهم في مقاطعة يي ، و سافر بشكل متكرر الى العاصمة لويانغ فتمكن من بناء علاقات مع "فينغ شو" و "شو فينغ" و هما من زمرة الخصيان المؤثرة في البلاط الامبراطوري و أقنعهما بالتعاون سراً مع تشانغ جوي . و اتفقوا على جعل 3 ابريل من عام 184 م موعداً لانطلاق الثورة ، لكن قبل وضع الخطة موضع التنفيذ فقد خانهم "تانغ شو" الذي أخبر السلطات عن نية "ما يواني" فاعتقلوه و اعدموه في مدينة لويانغ بتقطيع أوصاله .

و بعد أن علم الامبراطور لينغ بخطة تشانغ جوي للثورة أمر "تشو بن" عريف حدائق القصر بإجراء تحقيق للقبض على كل المتآمرين فألقي القبض على المئات و اعدموا في ذلك الوقت .


انطلاق الثورة :

حين علم تشانغ جوي بأن حكومة هان قد علمت بمخططه ارسله رسله لجميع حلفاءه في كافة انحاء الصين للتحرك فوراً و بدأت الثورة في الفترة الممتدة بين 29 فبراير و 29 مارس من عام 184 م عن طريق اتباع تشانغ جوي الذين بلغ عددهم حوالي 360 ألفاً ارتدوا اوشحةً أو عمائم صفراء على رؤوسهم . و سمى تشانغ جوي نفسه "السيد العام للسماء" بينما سمي شقيقه تشانغ باو "السيد العام للأرض" و سمي تشانغ ليانغ "السيد العام للشعب" . هاجم الثوار المكاتب الحكومية و نهبوا القرى و الأرياف و سيطروا على مقرات القيادة . و في غضون 10 أيام عمت الثورة البلاد و سببت ذعر كبير في بلاط الامبراطور .

تمركز معظم الثوار في مقاطعات "جي" و "جينغ" و "ياو" و "يو" ؛ فسيطرت المجموعة التي يقودها تشانغ جوي و اخوته على مقاطعة جي مسقط رأسهم في منطقة قيادة يولو شمال النهر الاصفر و كذلك منطقة قيادة وي ، بينما حدثت الثورة الاخرى في منطقة قيادة جوانغ يانغ و قيادة شو في مقاطعة ياو . و اما الثورة الثالثة فاشتعلت في منطقة قيادة ينغشوان و رونان في مقاطعة يو و في منطقة قيادة نانيانغ في مقاطعة جينغ الشمالية .

في الاول من ابريل لعام 184 م عين الامبراطور لينغ صهره "هي جين" حاكم هينان قائداً عاماً للجيش و أمره بالاشراف على الجيش الامبراطوري لقمع الثورة . و في ذات الوقت عين الامبراطور 3 قادة كل منهم يقود جيش منفصل لسحق الثوار و هم : "لو تشي" الذي ارسل لمواجهة تشانغ جوي في مقاطعة جي و "هوانغفو سونغ" و "تشو جون" ارسلا لمواجهة الثوار في منطقة قيادة ينغشوان و مجموع قواتهم 40 ألف جندي .

مقاطعة ياو – قيادة غوانغيانغ و تشو :

في مقاطعة ياو قتل الثوار "غو شون" و هو مفتش المقاطعة و "ليو وي" مدير قيادة غوانغيانغ ، فقاد العقيد زوج ينغ القوات الامبراطورية لمواجهة الثوار في المقاطعة و كذلك قاد "ليو باي" مجموعة من المتطوعين لمساندته .


مقاطعة يو – قيادة رونان و ينغشوان :

عندما اندلعت الثورة في مقاطعة يو عين رجال البلاط وانغ يون ليكون مفتش المقاطع كي يشرف على العمليات العسكرية .قاد تشاو تشيان مدير قيادة رونان قواته لمهاجمة الثوار قبل وصول تشو جون لكنه هزم في شاولينغ . عندما تعرض ريف تشين للهجوم من الثوار قام سبعة من أتباع تشاو شيان المدنيين بحمل السيوف و قتال الثوار لكنهم قتلوا جميعاً ، لاحقاً بعد قمع الثورة أصدر الامبراطور لينغ مرسوماً بتكريم السبعة الذين لقبوا بـ "السبعة الشرفاء" .

ولاية تشن احدى مناطق القيادة في مقاطعة يو و يحكمها الأمير ليو تشونغ كانت هادئة خلال سنوات الثورة لأن الثوار خافوا من الأمير الذي اشتهر بمهارته الكبيرة في الرماية و كذلك وجود وحدات نخبة الرماة تحت امرته .

الثوار في قيادة رونان يقودهم "بو كاي" هزموا تشو جون في المعركة بداية الامر و اجبروه على الانسحاب فأرسل البلاط "تساو تساو" قائد الفرسان لقيادة التعزيزات لمساندة تشو جون ، في وقت ما بين 28 مايو و 25 يونيو انضمت قوات تشو جون و هوانغفو سونغ و تساو تشاو و هزمت قوات بو كاي في تشانغشي فحاول الاخير الانسحاب لكن هوانغفو سونغ و تشو جون طارداه و اجبراه على القتال في ريف يانغشاي حيث هزماه مجدداً و تفرقت قوة الثوار .

هزم هوانغفو سونغ و تشو جون الثوار في قيادة رونان و الذين يقودهم "بينغ تو" في مقاطعة شيهوا ، ثم أمرهم رجال البلاط بأن ينقسموا بحيث يهاجم هوانغفو سونغ الثوار في قيادة دونغ ، بينما يهاجم تشو جون الثوار في قيادة نانيانغ .

خلال ذلك الوقت وجد وانغ يون دليلاً على تعاون تشانغ رانغ كبير الخصيان مع الثوار و أرسله للأمبراطور فوبخ الامبراطور تشانغ رانغ و لم يعاقبه . بين 7 نوفمبر و 6 ديسمبر قاد العقيد باو هونغ القوات الامبراطورية لمهاجمة الثوار في "غيبي" و هزمهم .


مقاطعة جي - قيادة وي و يولو :

هزم " لو زي" الثوار بقيادة تشانغ جو في قيادة يولو و حاصر زعيمهم في ريف غوانغزونغ ، و لكن وصلت الامبراطور وشاية بخيانة "لو زي" فاستدعاه الى العاصمة و عزله من منصبه و سجنه ، و عين القائد دونغ جو مكانه فهاجم الثوار لكنهم هزموه فاضطر للتراجع .

في 23 أو 24 سبتمبر انتصر هوانغفو سونغ و مساعده "فو زي" على الثوار في كانغتينغ حيث أسر زعيم الثوار "بو جي" و قتل 7 آلاف من بينهم قادة صغار مثل "تشانغ بو" و "ليانغ شونغنينغ" . في 25 سبتمبر أمر رجال البلاط باستبدال دونغ جو بالقائد هوانغفو سونغ و أمروه بارسال قواته شمالاً نحو ريف غوانغزونغ و القضاء على تشانغ جوي زعيم الثوار .

أثناء هجوم هوانغفو سونغ توفي تشانغ جوي بسبب المرض ، و استمر الأول بمهاجمة مواقع الثوار بين 21 نوفمبر و 20 ديسمبر و الذين تولى قيادتهم تشانغ ليانغ بعد وفاة أخيه ، لم يتمكن من هزيمة الثوار لأن تشانغ ليانغ يمتلك أفضل المقاتلين في الثورة تحت امرته . ثم اتبع هوانغفو سونغ نهجاً دفاعياً لخداع الثوار فيقل حذرهم و يخفضوا الحراسات و هو ما حصل فسدد سونغ ضربته في الليل و هزمهم هزيمة نكراء فقتل تشانغ ليانغ أثناء المعركة مع 30 ألفاً من أتباعه بينما غرق 50 ألفاً آخرين في النهر أثناء محاولتهم الفرار.

احرق هوانغفو سونغ 30 ألف عربة تحتوي الامدادات للثوار و أعتقل معظم افراد أسرهم ، بينما بقر جثة تشانغ جوي و قطع رأسه و أرسله الى البلاط الامبراطوري في لويانغ. تقديراً لانجازاته رفعة الامبراطور الى رتبة القائد الأيسر للعربات و الخيالة ، و بين 21 ديسمبر 184 م و 18 يناير 185 م انضم هوانغفو سونغ بقواته الى غو ديان مدير قيادة يولو و هاجموا ما تبقى من الثوار في ريف شياقيانغ بقيادة تشانغ باو الذي قتل في المعركة و استسلم أكثر من 100 ألف ثائر .








317 views0 comments

Recent Posts

See All

Kommentare


bottom of page