هارون الرشيد و نقفور

حين أصبح نقفور امبراطور الروم بدأ بتغيير سياسات الامبراطورة السابقة إيريني و كان من ذلك ان رفض دفع الجزية للمسلمين و قد أرسل رسالة الى هارون الرشيد كان نصها : " من نقفور ملك الروم الى هارون ملك العرب ، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ(1)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق(2) ، فحملت إليك من أموالها، ما كنت خليقًا بحمل مثله إليها، ولكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وأفتدِ نفسك بما يقع به المبادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك." غضب الرشيد و ما كان منه الا كتب على ظهر الرسالة : " من هارون الرشيد أمير المؤمنين الى نقفور كلب الروم ، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة و الجواب ما ترى لا ما تسمع ". لم يتأخر هارون الرشيد في تنفيذ وعيده ، فشن الجيش الاسلامي هجوماً على كابادوكيا و حاصروا الحصون الحدودية و حرروا 300 أسير مسلم كانوا في قبضة البيزنطيين ، و في أواخر عام 803 م قاد هارون الرشيد بنفسه جيشاً الى الأناضول و حاصر حصن هرقلة المنيع و بعد شهرين من القتال و المفاوضات توصل الطرفان لاتفاقية توقف الأعمال الحربية و لكن نقفور لم ينفذ ما وعد به لانشغال الرشيد في مواجهة الاضطرابات الداخلية التي حدثت في خراسان . فقام بتقوية الحصون الحدودية و شنت قواته العديد من الغارات على الاراضي الاسلامية ، و لكن في عام 806 م قرر هارون الرشيد وضع حد لنقفور فسار على رأس جيش ضخم قوامه 135 الف مجاهد ليهاجم ارض الروم مباشرة فسيطر على حصن هرقلة و غيره من القلاع .. فعلم نقفور بأن ميزان القوى ليس في صالحه فاختار الصلح و خرج الجيش الاسلامي من الاراضي البيزنطية بعد ان فرض على نقفور شروط قاسية فتم تبادل الاسرى بين الجانبين و التزم الروم بالجزية و بعد بناء أو ترميم القلاع و الحصون التي سيطر عليها المسلمون بعد انسحابهم منها . ______________________ 1- الرخ : قطعة قوية على رقعة الشطرنج و تسمى أيضاً القلعة . 2- البيدق : أضعف قطعة على رقعة الشطرنج و تسمى أيضاً الجندي