في عام 359 قبل الميلاد كانت مملكة مقدونية على شفير الهاوية فقد هزم جيشها أمام الأليريين و فقدت خيرة جنودها في المعركة و تشتت شعبها و أحاط بها الاعداء من كل جانب حتى توج فيليب الثاني ملكاً فأجرى اصلاحات شاملة في الجيش لتصبح مقدونية في عهده أقوى قوة عسكرية في بلاد اليونان التي سيطر عليها و أكمل ابنه الاسكندر ما بدأه فسيطر على العالم .
قضى فيليب فترة شبابه رهينة في أليريا و طيبة و هناك تطورت أفكار الاصلاحات لديه ، حيث شاهد تغير ميزان القوى في بلاد اليونان لصالح طيبة بعد أن هزمت اسبرطة في معركة لوكترا عام 371 قبل الميلاد .
كان انتصار طيبة بفضل تطويرات أبيمانانديس و بيلوبيداس اللذان طورا مشاة طيبة بشكل كبير ؛ حيث تم ابتكار تكتيك النظام المائل و تكوين الوحدة الخاصة المعروفة باسم الرابطة المقدسة . و التفت فيليب ايضاً لاصلاحات ايفيكراتيس الأثيني الذي اهتم بتحسين المعدات فجعل الرماح أطول و استعمل دروع أخف و تروس أصغر مما زاد من مدى سلاح الجنود و خفة حركتهم .
في عام 359 قبل الميلاد قتل أخاه الأكبر بيردكوس في معركة ضد الأليريين فتوج فيليب ملكاً على مقدونية و بعد أن استتب الأمر له شرع بإصلاح الجيش .
كان الجيش المقدوني يتكون في معظمه من المشاة الخفيفة الذين يتم تجنيدهم من الفلاحين و يفتقرون للتسليح و التدريب و كذلك امتلك وحدة من النخبة لكنهم قلة و لا يمكنهم مجابهة قوات الدول المجاورة .
اصلاحات المشاة
قام فيليب فوراً بتجنيد 4 آلاف جندي من العمال ، سلحهم برماح ساريسا الطويلة و التي يبلغ طولها من 4-6 أمتار و منحهم دروع خفيفة و تروس بيلتا الصغيرة لكي يستطيعوا استخدام الرماح بسهولة .
صنع رمح ساريسا من خشب القارانيا أجود أنواع الخشب في بلاد اليونان في تلك الفترة ، لذلك أحضر فيليب كمية كبيرة منه لصناعة الرماح و ساعد في ذلك احتواء مقدونية على مناجم الحديد و البرونز لصناعة الأجزاء المعدنية منها .
قاتل هؤلاء الجنود ضمن تشكيلة متراصة تدعى الفالانكس المقدوني .
يتكون الفالانكس المقدوني من وحدات صغيرة تدعى ديكاس و يبلغ تعداد كل وحدة 16 جندياً ، تجمع عدة وحدات ديكاس ضمن وحدة أكبر تسمى لوكوي .
يجمع كل 128 جندياً ضمن وحدة أكبر تدعى تاكسياس و يقودها قائد يسمى لوكيغوس .
تدمج وحدتا تاكسياس ضمن وحدة أكبر تدعى سينتاغما يبلغ تعدادها 256 جندي .
لكل سينتاغما عدة مساعدين لتسهيل القيادة مثل ؛ سالفينغيتيس الذي ينقل الاوامر الصوتية من القائد للجنود عن طريق البوق ، و سيميوفوراس الذي ينقل الاوامر البصرية عن طريق تحريك رايته ، و ستراتوكيروكس الذي يصيح معلماً الجنود بالأوامر ، و هيبريتيس الذي ينقل الرسائل بين الوحدات ، و أورواغوس الذي يقوم باعادة كل جندي يخرج من التشكيلة .
اخضع فيليب قواته الجديدة للتدريب المستمر للتأكد من لياقتها البدنية و جهوزيتها للمعارك و الاستعداد لكافة الظروف التي تفرضها طبيعة المعركة .
كما شكل فيليب وحدات نخبة تدعى بيزيتايروي أي الرفاق المشاة و جعلهم حرسه الشخصي و قد اثبتت المعارك تفوق هؤلاء على بقية الجنود في بلاد اليونان .
اصلاحات الخيالة
اشتهرت مقدونية بالخيالة منذ زمن بعيد ، و كانت حكراً على طبقة النبلاء ، و كانوا يدعون هيتايروي أي الرفاق و هو اسم يبين قربهم من الملك . قاتل هؤلاء لصالح مختلف القوى و التحالفات الإغريقية ؛ فقد شاركوا في حرب البيلوبونيز بين أسبرطة و أثينا ، و كذلك شاركوا في الحرب الاسبرطية الاولنثية ، لكنهم تعرضوا لهزيمة قاسية ضد الأليريين و قتل عدد كبير منهم في المعركة التي هلك فيها بيرديكوس شقيق فيليب.
عوض فيليب هذه الخسارة بترقية عدد كبير من أتباعه ليصبحوا نبلاء و لاحقاً قام بمنح الثيساليين و غيرهم من الاغريق هذه المكانة لزيادة عدد خيالته .
تسلح الرفاق برمح زيستون و سيف كوبيس أو زيفوس و تدرعوا بدروع برونزية خفيفة .
اجتمع كل 200 فارس ضمن سرية تدعى آلاي ، بينما كانت اقوى هذه السرايا تتكون من 300 فارس و تدعى باساليكي آلاي أي السرية الملكية .
اعتمد فيليب بشكل كبير على خيالته في المعارك و دربهم للقتال في تشكيلة الإسفين التي استطاعت النفاذ من الفجوات في جيش الأعداء و توسيعها .
طور فيليب نوع آخر من الخيالة يدعى برودروموي و كانوا أخف من الهيتايروي و يستخدمون في مهام الاستطلاع و المناوشة ، ثم استعملوا لاحقاً لمواجهة خيالة العدو .
اصلاحات أدوات الحصار
ادرك فيليب أهمية أدوات الحصار كالمنجنيق و برج الحصار و رأس الكبش في تسهيل فتح الحصون و القلاع فشكل وحدات هندسية مهمتها تصنيع واستعمال هذه الادوات و اتخذت هذه القوات مدينة بيلا مقراً لها .
قام بوليياديس الثيسالي كبير مهندسي فيليب بجهد كبير لتطوير هذه الأدوات و من ذلك صناعة المنجنيق المقدوني القادر على اطلاق مقذوفات لمسافة تزيد على 300 متر و كذلك القدرة على هدم الاسوار .
تشكيلة الفالانكس المقدوني في عهد فيليب و ابنه الاسكندر
Comments