في ربيع عام 330 قبل الميلاد دمر الاسكندر مدينة بيرسوبوليس العاصمة الرئيسية للامبراطورية الفارسية الأخمينية لكن الامبراطور الفارسي داريوس الثالث لا زال على قيد الحياة ، و كان في العاصمة الفارسية إكباتانا يجهز جيشاً لمواجهة الاسكندر .
وصل الجيش المقدوني المدينة في يونيو لكن داريوس كان قد غادرها هارباً لانه لم ينجح في جمع عدد كافي من القوات ، في النهاية قبض عليه من قبل حاشيته بأوامر بيسوس مرزبان باكتريا (حاكم ولاية أفغانستان) الذي عرض على الاسكندر تسليم داريوس مقابل ايقاف حملته على الولايات الفارسية الشرقية لكن الاسكندر رفض العرض فقتل بيسوس امبراطوره داريوس و توج نفسه ملكاً باسم أرتازيركسيس (آرتاحشتا).
خلال سنة واحدة تمكن الاسكندر من اخضاع سهول شاسعة من آسيا الوسطى ، لكن بدأت بوادر الفشل بالظهور حيث اصبح الجنود يتذمرون من طول الحملة و حاجتهم للعودة لأهاليهم و أوطانهم بعد غياب 5 سنوات ، كذلك انخفضت شعبية الاسكندر بين جنوده لانه بدأ يحيط نفسه بالمستشارين الفارسيين و يمارس العادات الفارسية .
اصبح الاسكندر اكثر قلقاً خاصة بعد اكتشاف مؤامرة لاغتياله من قبل فيلوتاس أحد قادة جيشه فأمر باعدامه رغم عدم امتلاكه أدلة كافية على تورطه ، و كان فيلوتاس الابن البكر لقائده الكبير بارمينيون فأمر الاسكندر بقتله أيضاً كي لا ينتقم لابنه فأذعن بارمينون للقرار و بقي مخلصاً لملكه حتى النهاية .
في شتاء عام 329 قبل الميلاد عبر الاسكندر جبال الهندكوش لمهاجمة المناطق التي يحكمها أرتازيركسيس ، فتفاجىء الأخير من ذلك حيث لم يتوقع حصول الغزو في الشتاء حيث تكون الجبال مكسوة بالثلوج ، فانحاز الى شمال نهر جيحون . في النهاية قام رجال ارتازيركسيس بتسليمه للاسكندر فعذبه ثم قتله ، و اطلق الاسكندر نفسه لقب ملك آسيا .قضى الاسكندر السنة التالية في قمع الثورات في المنطقة ثم تزوج الأميرة البكترية روكسانا لتهدئة الأوضاع .
بعد أن استتبت له الأوضاع في بلاد فارس ، تحولت أنظاره للقارة الهندية ، فدخل الجيش المقدوني البنجاب أواخر العام 327 قبل الميلاد ، و وصلوا أراضي شعب تاكسيلا الذين رحب ملكهم بالاسكندر و كذلك فعل ملوك المناطق المجاورة لكن بوروس ملك البورافيين خرج بقواته لقتال الاسكندر قرب نهر هيداسبيس.
كان تيار النهر قوياً بسبب ذوبان ثلوج جبال الهملايا فأدرك الاسكندر بأن عبور النهر مع عدو مستعد للقتال على الضفة المقابلة يعني الهلاك لجيشه ، و بعد تفحص مجرى النهر وجد الاسكندر مكاناً مناسباً للعبور يبعد 30 كيلومتراً فأختار مجموعة من أفضل رجاله ليعبر بهم من هناك خلال ليلةٍ عاصفةٍ . سمع بوروس بأن المقدونيين قد عبروا النهر فأرسل قوة من ألفي فارس بقيادة ابنه للتأكد من الأمر . و حين وصل الأمير الشاب وجد أن قوات الاسكندر قد أنهت عبور النهر فقرر مهاجمتهم فوراً و بعد مناوشة سريعة قتل الأمير بعد أن علقت عربته الحربية في الوحل و عاد جنوده يجرون أذيال الخيبة ليخبروا ملكهم بما جرى .
سار بوروس بجيشه لمواجهة القوات المقدونية التي نجحت في عبور النهر و كانت تتفوق عليه عددياً رغم أن القسم الأكبر من جيش الاسكندر ما زال على الضفة المقابلة . لكن جيش بروتوس قد احتوى عدداً من الفيلة الحربية الهندية الضخمة و التي لم يواجهها جنود الاسكندر من قبل. بدأت المعركة بهجوم الخيالة الرامية السكيثية على الفيلة لازعاجها ، بعد ذلك قاد الاسكندر نخبة خيالته (الرفاق) لمهاجمة ميسرة عدوه ، ثم التحم الجيشان و سببت الفيلة بعض الفوضى و الارباك في جيش الاسكندر.
لاحظ بوروس بأن ميسرته تعاني من ضغط خيالة الاسكندر فأرسل عدداً من العربات الحربية وقوات الميمنة لدعمها . استغل الاسكندر هذه الفرصة فارسل خيالة الميسرة لتطويق العدو و مهاجمته من الخلف .
حينها بدأت القوات الهندية بالانسحاب من ساحة المعركة لكنها تفاجئت بأن بقية الجيش المقدوني قد عبروا النهر و التحموا معهم من الخلف فأوقع المزيد من الخسائر ، استمر الملك بروتوس بالقتال من على ظهر فيله حتى وقع في الأسر .
كان تعداد جيش الاسكندر يساوي 40 ألفاً من المشاة و 7 آلاف من الخيالة و غيرهم من القوات الآسيوية ، بينما كان جيش البورافيين يتكون من 20 ألفاً من المشاة و 2000 من الخيالة و 130 فيلاً حربياً و حوالي ألف عربة ، و قتل من الهنود في المعركة حوالي 12 ألفاً بينما كان قتلى جيش الاسكندر ألف جندي فقط.
سأل الاسكندر الملك بوروس : " كيف تحب أن اعاقبك " ، فأجاب : " عاقبني كما يعاقب الملك ملكاً آخر " فأعجب الاسكندر بشجاعته و عينه حاكم منطقة البنجاب.
و هذا فيديو عن المعركة :
Comments