بداية الخلق
خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام في مراحل : بدأت بـ " التراب " ، ثم أضيف إليه " الماء " فصار : " طيناً " ، ثم صار هذا الطين " حمأ مسنون " أي : أسود متغير ، فلما يبس هذا الطين - من غير أن تمسه النار - صار " صلصالاً " - والصلصال هو الطين اليابس الذي لم تمسه نار ، ثم نفخ الله سبحانه وتعالى ، في مادة الخلق هذه من روحه ، فصار هذا المخلوق بشراً ، وهو آدم عليه السلام . و من الحكم من ذلك : الدلالة على عظيم صنع الله و قدرته حيث اخرج من هذه المادة المهينة سيد الخلق ، و كذلك تمييز الله لآدم عليه السلام عن سائر خلقه بأن خلقه بيده الكريمة ، قال تعالى : " قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " سورة ص آية 75
تنوع البشر
خلق الله سبحانه و تعالى البشر من انواع مختلفة من التربة لذلك تتفاوت اشكالهم و ألوانهم و طباعهم فتجد فيهم الابيض و الاسود و الاصفر و كذلك تجد الصادق و الكاذب و الأمين و الخائن ... الخ .
قال صلى الله عليه و سلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر و الأبيض و الأسود و بين ذلك ، و السهل و الحزن و الخبيث و الطيب و بين ذلك " رواه الترمذي و ابو داود و صححه الترمذي و الألباني .
العهد الذي اخذه الله على بني آدم
قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ " (سورة الأعراف - الآية 172) عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه - قال سألت عنها ابن عباس فقال : " مسح ربك ظهر آدم , فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان هذا (أي جبل عرفة), وأشار بيده , فأخذ مواثيقهم , وأشهدهم على أنفسهم { ألست بربكم قالوا بلى ... }
فكل انسان بطبيعته الفطرية سيصل الى دين الحق و لكن يضل بسبب ما يتعرض له قلبه من فتن و شهوات تزيغه عن طريق الصواب .
عدو البشر الأول
حينما خلق الله آدم و من بعده حواء اعلن الشيطان عداوته لهذا المخلوق الجديد حسداً له لأن الشيطان كان ينتظر ان يستخلفه الله في الارض ، ففتنهما حتى تسبب بخروجهما من الجنة ، فأنزل الله البشر و الشيطان الى الأرض و حذرهم بأن الشيطان هو عدوهم الأول فهو الذي يكيد لهم المكائد و يحرش بينهم ليقتلوا بعضهم البعض أو يظلموا أو يفعلوا شتى الجرائم ... فالانسان بالاصل مسالم و لكن حين يتبع الشيطان يصبح وحشاً فاتكاً يقتل و يغتصب و يسلب و ينهب بلا رحمة .
و يريد الشيطان بذلك أن يثبت بأنه أفضل من البشر و انهم لا يستحقون هذا التكليف و من يتبع الشيطان و يعص الله فمصيره لا محالة العذاب الشديد و جهنم و بئس المصير عافانا الله و اياكم من الشيطان و شركه .
سبب خلق البشر
لم يخلق الله البشر عبثا و بلا سبب أو غاية أو هدف عظيم يسعون إليه ، قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون: 115]
فقد خلق الله الإنسان لعبادة الله وحده لا شريك لا له ، قال سبحانه و تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 59]
و العبادة ليست فقط صلاة و صيام و زكاة و حج و ذكر و دعاء إنما لها معنى أشمل و أعمق فهي تشمل كل أعمال الخير و الفضائل ، و تجنب أضدادها من قبائح و رذائل و نشر العدل و عمارة الأرض و اصلاحها ... فالله سخر لنا كل ما في الارض من كنوز و خيرات و نعم تكفينا جميعا
Comentarios